ضوضاء .. أصوات عالية تُحيط بي من كل مكان للدرجة التي لم أعد أستطيع سماع صوتي، فأصبح هو أيضا عالياً قاسياً ..
في هذة المدن الصخرية الجافة أشعر بالإعياء من كثرة الأصوات من حولي ..
أشعر بالاختناق
أجد مُتنفسي في الخلوة والوحدة وكلما كان الصمت أعلى كلما اطمأن قلبي ..
أليس هذا غريباً؟
فكل الناس تخشى الوحدة .. تخاف الهدوء .. بعكسي أشعر بالامان به
صوت السيارات المُسرعة خارج نافذتي يقتحم عقلي بقسوة وغُبارها يحرق عيني..
أتسائل رُغم حبي لسهولة حياة المدن هل سأستطيع إكمال حياتي أعيش وسط هذة الفوضى ؟
هل سأكون قادرة بعد خمسة أعوام أن اتأقلم على هذا العالم المُتسارع الذي لا أستطيع الحاق به ؟
بل لا أُريد اصلاً أن الحق به ..
لما أُسابق الزمن الذي لا ينتهي ؟ لما لا أستطيع فقط عمل ما أُحب، ودراسة ما أستمتع به، وأبقى مع رُفقاء أُحبهم دون القلق من الدقائق التي تجري دون رحمة ؟
أُحب النظام وأُحب الإهتمام بالوقت وترتيب حياتي ولكن ما يُشعرني بالإختناق إن لا أرحم إنسانيّتي ..
آلا أُعطي روحي حقوقها..
أن أُرغم نفسي على المشاركة في عالم لا يأبه براحةٍ الأرواح بل بالتضييق عليها.
أُريد أن أسكن كوخاً في الريف وأستيقظ على صوت الصمت ..
لا أسمع شيئاً إلا رقرقة ماء في نهرٍ قريب او يمامة مُبتهجة.
أُريد إستنشاق رائحة الجِبال ورائحة الأعشاب والأرُز النامي قبل حاصدِه في الصيف ..
أُريد ان تمتلئ عيني بإمتداد اللون الأخضر المزروع الى الآنِهاية ..
ألوان الورد أُريدها أن تأسِرني من جديد.
مضت مدة طويلة جداً تقريباً خمس سنوات منذ أن كان صباحي بهذة البهجة
فالريف رغم بساطةِ الحياة فيه إلا أنه صديق الجسد والروح ..
يجعل حياتك مُنتظمة كما خلقها الله لا كما يُرِيدها أصحاب المدن الصناعية ..
في الفترة القصيرة جداً التي عشتها في الريف تذمرت من إنقطاع الانترنت، وعدم توفر الاسواق الضخمة التي تحتوي كل ما احبه.
عندما عدت بعد عِدة اشهر أدركت جمال العالم هناك ..
أدركت انني أُسِرتُ للأبد بهذا العالم الصغير المليئ بالبهجة ..
علمتُ بالفرق الشاسع بين سعادة روحي هناك وبين تشتتها هنا، وأصبحت أشتاق لنافذة غُرفتي التي كانت تُطِل مباشرةً على النهر، الذي كُنت أُراقِب إلتوائه الجاري إلى مالم تصِلُ عيني لنهايته..
فلا شيئ يحجِبُ الرؤية، ولا مُنشئات عالية تخنق عيناي.
برودة الصباح الهادئة وإنتعاش الليل وبساطة الناس، ورائحة الخُبز الذي خرج للتو من الاأفران تجعلك تُدمن الحياة فيه ..
تجد روحك التائهة ويمتلئ قلبك بالإلهام الذي تبحث عنه بكل صعوبة في المُدن الصاخبة .
اتمنى ان أعود قريباً .. إلى وطن زرعتُ فيه روحي ولم تعد معي مُنذ غادرته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق