الاسبوع الثالث
انة الافضل على الأطلاق من بين الاسابيع الماضية .. ايام العمل هي اربعة او خمسة ايام في الاسبوع حسب مايتطلبه جدول الحالات واوقات العمل من الثامنة صباحا الى الرابعة والنصف عصرا، وقت طويل كاد يقتلني في الاسبوع الاول لكن ليس بعد الان، اصبح جسدي متأقلما على الوضع الجديد تماما، اوقات الاستيقاظ والنوم واوقات الوجبات وحتى التوقيت الدقيق لأكواب القهوة خلال اليوم. انه انجاز عظيم ان استطيع السيطرة على يومي بهذة الطريقة حتى وان لم ارضى عنها بنسبة 100% بعد ولكنها الأفضل خلال السنتين الماضيتين التي كان الوضع فيها مزريا بحق.
تعلقت كثيرا بالعيادة واصبحت اجازة الاسبوع طويلة ومملة ولولا الأبحاث التي اعمل عليها بجهد خلالها لكنت شعرت بضجرٍ شديد. ايضا اصبحت العلاقة مع فريقي افضل وتقربت كثيرا للأخصائيتين اللتين تدرباني، فلحسن حظي لم يكن فارق العمر بيننا كبيرا واستطعت الإندماج معهن بسهولة.
كان العمل اكثر واوسع هذا الاسبوع ورأيت حالة سريرية هي الاشد منذ بدأت التريب، والحق يقال اني اصبت بحالة اكتئاب وضيق دامت لساعات بعد رؤيتها، شعرت بالعجز كمبتدئة لا اعرف الكثير بعد لأُعطي مساعدة قوية، فقالت لي مُدربتي الجميلة ان هذا شعورا طبيعيا مررنا به لأسابيع في بدايتنا ولكن هذا ما انتي هنا من اجله، لتتعلمي كيف تضعين الخطة العلاجية من الصفر وقد ترين حالات لم تدرسي عنها اصلا لانه وللأسف تعليمنا الجامعي نظري بحت ولا يعتمد على البحث الخارجي بقدر مايعتمد على كتب المناهج وحسب، فحمدت الله اني احب الكتب واحاول القراءة خارج الدائرة التي يطلب مني دراستها فلعلي استفيد يوما مما تعلمت.
اما المشاعر فاعتقد انني بدأت انضج بحق، اصبحت اقرب لنفسي، وصرت اناقشها وافهم خباياها اكثر من اي وقت مضى .. عجيب كيف للأنسان ان يشعر بالتحسن الضخم فقط حين ينجز شيئاً حتى وان كان صغيرا لا يُذكر؟
حين يكون الإنجاز تجد السعادة .. حين يكون الإنجاز تشعر بالحياة.
ولأن مُدربتي عاشقة كبيرة لفيروز فقد جعلتني امر بتجربة جديدة ومجنونة تماما، تضع جهاز الـ i pad الخاص بها في منتصف المكتب وتجعل القائمة تعمل على عدد لا محدود من اغاني فيروز وتتناساه بينما تكتب بعمق او تفكر فيما يشغلها من الحالات والبرامج العلاجية. اليست غريبة الأطوار؟ لكن بالطريقة الجيدة التي تفتح عقلك وقلبك للتعلم بصورة لم اختبرها من قبل. لقد جعلتني استمع لأغنية كاملة لفيروز للمرة الاولى في حياتي .. انها رائعة واستطيع ان اقول الان انني حقا احبها حتى وان مرت فقط ثلاث اسابيع على معرفتها .. انها انسانة عظيمة وهذا حكمي الصغير مما استنتجته عنها، تفعل الكثير مالاتستطيع الشابات في عمرها انجازه.
هذا الاسبوع زارتنا قطرات المطر الاولى لشتاء 2014 .. كنت بالخارج مع ابي وبدأت بالهطول على ملابسي برقة شعرت معها بقلبي يرقص فرحا وحماسة، انه الشتاء اخيرا فصلي المفضل ووقتي الأثمن في العام كله.
الاسبوع القادم سيحمل لي هدية ثمينة لم اتوقع تلقيها بهذة السرعة .. سأخبركم عنها بأذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق