الجمعة، 7 نوفمبر 2014

التدريب وبداية المستقبل






منذ اسبوعين بدأت تدريبي العملي في المشفى لنيل درجة التخصص في مجال" العلاج النفسي"، 
لم يكن الوضع غريبا حيث اني مررت بفترة تدريب قصيرة في نفس المشفى في ابريل الماضي اثناء تخرجي.
فالوجوه والمكان مألوفان بالنسبة لي، لكن الوضع الان مختلف 
سأكون في هذا القسم لأشهر طويلة وبما انني احمل درجة البكلريوس فيتم اعتباري عضوا من الفريق 
حتى وان كنت ما ازال متدربة اي ان وضعي الان جدي بعكس التدريب الجامعي حيث كان الموضوع مبسطاً جدا. 

الاسبوع الأول ..  

رغم كامل حماستي للتجربة القوية التي سأخوضها إلا ان اول اسبوع مرّ علي كالجحيم 
و كان جسدي يعارضني في كل شيئ
الإستيقاظ مبكراً الذي احبه اصبح كالقيام للحرب بسبب تقلب نومي في الفترة الأخيرة، 
اما نوبات الإحتياج للكافين التي كانت تصفعني في العيادة كادت ان تفقدني عقلي، 
فلم يكن شراء كوب قهوة من كافيتيريا المشفى او حتى صنع واحد في غرفة الاستراحة القريبة بالشيئ السهل بسبب كثرة الحالات 
فاضطررت ان اجعل عقلي يعتاد على كوب القهوة الصباحي الذي اشربه قبل خروجي من المنزل
والاخر لن يلحقه إلا في فترة الراحة بعد الضهر.
الشيئ المرهق الاخر الذي اكتشفته ان تخصصي لايوجد في الجامعات القليلة المنشئة في المحافظة التي اقطن فيها، فقد درستُه في مدينة اخرى وبالتالي اصبحت المتدربة الوحيدة في القسم ووجدت نفسي محاطة بفريق كامل من اخصائيين واطباء يضعون كل اهتمامهم بي. شعرت بنفسي كأنني صوص صغير قد فُقس للتو من بيضته واعضاء الفريق ينظرون الي باهتمام واستعداد لتلقيني كل الدروس الصعبة في الحياة.. اقصد تخصصي، لكن ولله الحمد بعد تنظيم جدولي استقر الأمر على طبيب واحد وأخصائيتين هم من سيتولون تدريبي وتقيمي الى النهاية.. مازال عددهم كبيرا على متدربة واحدة ليصبو كل تركيزهم علي فقط.
شيئ اخر لم اكن اتوقع ان امر به نهائيا في هذا النظام المزدحم وهوا الملل .. نعم فترات قاتلة من الملل
بسبب المجال الحساس الذي ادرسة كانت هناك حالات ترفض وجودي كمتدربة وقت استشارتهم 
وبالتالي اجد نفسي خارج العيادات التي تكون جميعها ممتلئة في فترات الذروة 
والمكان الوحيد المتاح للجلوس فيه هي استراحة إنتظار المريضات، 
غرفة هادئة الاضائة وضيقة قليلا وقد يكون فيها عشرة نساء في وقت واحد 
اغلبهن كبيرات في السن نعِسات تفوح منهن رائحة الحناء وعطور اخرى لم استطع تميزها 
ولكنها اصابتني بصداع ونعاس كاد يقتلني 
كنت ما ازال أُدرب جسدي على الإستيقاظ في هذة الفترة من اليوم ليعتاد على النظام الجديد 
ولكن تواجدي معهن جعل عيناي لا تريان سوى ضبابٍ كثيف يحثني على النعاس.
الحمد لله دائما ما اضع كتابا في حقيبتي فاخرجته لأكمله ولكن نسيت ان بجانبنا استراحة إنتظار الرجال 
بدأو بالحديث بصوت عالي وبعضهم يقوم بحوارات عميقة في هاتفه شتت تركيزي 
شعرت ان حلمي في التدريب ينهار اذا كنت سأمر بنفس التجربة يوميا، 
فقد كان كل نشاط قد امارسة في هذة الفترات كالقراءة وكتابة تقرير او مراجعة بحث يحتاج الى الهدوء للتركيز وبالطبع هذا اكثر شيئ مفقود هنا.
ولكن بعد ان عدت الى عيادتي قال لي رئيس القسم باسما: ان هذا شيئ مررنا جميعا به 
حتى عندما كنت في الامتياز كان يرفض كثيرا من المرضى حضورنا وكنا نشعر بالضياع في اروقة المشفى ريثما ينتهون .. ولكنها اصبحت ذكرى الان فواجبنا احترام رأي المريض وخصوصيته حتى وان جعلنا هذا نتأخر قليلا في اكتسابنا للمعرفة. 
هدأت ولمت نفسي على عدم صبري، وبعد نهاية الاسبوع اصبحت مشاعري بين حماس وإرهاق وتوتر وتوهان فكري عجيب، بعدما رأيت حالات طالما قرأت عنها في الكتب وشاهدت امراض ومشكلات مرت سنوات وانا ادرس عنها واشعر بالفضول نحوها وها انا الان اراها امامي وأشخّصها واصنع الخطط العلاجية لها ..
حماستي تصطدم مع نفاذ طاقتي بشكل يبعث على الغثيان، أعلم انها آثار الخروج من دائرة الارتياح التي قطنتُ فيها لسنوات وحتى انني حلمت بالخروج منها ملاين المرات ولكن التنفيذ قد يكون اصعب مما نتوقع.
مر الاسبوع بسرعة وأخذ معه كل الوقت ولم تُتح لي الفرصة بمزاولة اي هواية او قراءة لكنها فترة تعوّد ولها الأحقية في اخذ كل الساعات ريثما أعتاد التغيير الحاصل.

سأحاول بأذن الله تدوين هذة المرحلة من حياتي الأكاديمية التي تأكدت بأنها ستغير حياتي للأبد، فهناك بوادر قوية لخبرات لم أدرك انني افتقدها من قبل او حتى فكرت بأنني سأخوضها .. اعتقد بأنها ستنضج كثيرا في الشهور القادمة، وستكون مادة دسمة للتدوين والتمرن على الكتابة.



هناك تعليقان (2):

  1. واووو جميل يااخصائية المستقبل ..متيقنة بانك مميزة ..كل ماكتبتيه راق لي وكأن لساني هو الناطق مع اختلاف الاحوال والاماكن . قرأت ماكتبتيه وابتسمت وبجانبي كوبا من القهوة ومن حولي كتب ومراجع واوراق واقوم بتلخيص وعمل خرائط ذهنية للاضطرابات واحسست بك يارفيقتي واستمتعت ... فايتنغ صديقتي الجميلة وانتي الرفيقة القريبة البعيدة. moli

    ردحذف
    الردود
    1. صديقتي الرقيقة مولي يمكن عملنا يحتاج جهد اقل من تخصصات اخرى لكن بالتأكيد يساهم في إحياء ارواح وشخصيات اكثر من تخصصات ثانية .. مجال يستحق التعب والتجربة .. انتي الطموحة المليئة نشاط وبسمة خير دائما .. انرتي المكان حبيبتي واتمنى يأتي اليوم الي نقرا فيه هذة التدوينة والردود ونضحك على ايام بدايتنا ونستمتع بذكرياتها .. احبك ياصديقة كفاحي ^_^

      حذف