الجمعة، 12 ديسمبر 2014

ديسمبر السعادة

Red umbrella rain - by Gina Brown



الاسبوع السادس
كثير من الركض والفرح والغرابة .. وبما انه بداية ديسمبر شهري الاجمل في العام كله فقد كان حافلا بالمغامرات، استيقظت مدينتي الصغيرة قبل الفجر على اصوات عالية جدا من الرعد وضوء برق صارخ ينير المكان بأكمله، وتكتكة المطر العالية تصدع في كل اتجاه.. ذهبت الى العيادة وبدأنا العمل ثم هطلت الأمطار فجئة وتحقق حلم الاسبوع الماضي بأن اعمل على صوت المطر وضوئه الخافت من النافذة .. رائحة القهوة التركية تعبق في العيادة تضفي دفئا وانتباها نحتاجه لنبعد اعيننا عن النافذة الزجاجية الضخمة التي تكشف الجدار كله وتشعرنا كأننا نجلس تحت المطر حقيقة وليس تحت سقف خرساني، حتى المرضى كانت امزجتهم افضل وكأن المطر يغسل الطاقة السلبية من الجو خصوصا في مدينة تشتاق للمطر بالسنوات.
كانت الحوارات العلمية مثمرة جدا وكنت اسأل اسئلة صغيرة وكبيرة ولا اتردد وتعجبت من جرئتي فقد كنت هادئة حتى ايام الدراسة واحاول البحث عن المعلومة بنفسي وتأخذ مني ساعات حتى استخرجها، ولكن الان اسأل وأُدلي برأيي واستفسر كلما حانت فرصة وكأنني استغل كل مالدي الطبيب ومنسوبي القسم من خبرة، اتعلم كل يوم اهمية العِلم ويكبر اهتمامه في قلبي وعقلي واعتبره افضل ما استطت الحصول عليه في حياتي.
المحزن هذا الاسبوع ان الاخصائية النفسية التي تشرف على تدريبي والتي تستمع الى فيروز في منتصف العمل ستنتقل الى مدينتها الاصلية وستترك العمل في المشفى الذي اتدرب فيه .. حزنت كثيرا فخبرتها طويلة ولديها حس عالي بالمسؤلية ونشاطها لا ينضب ابدا، تعلمت منها في الخمسة اسابيع الماضيه خبرات لم تتعلمها الكثير من زميلاتي في العيادات الاخرى الا في اربع اشهر او اكثر.. انها خسارة حقيقة لي ولكن اتمنى لها الافضل.. انها مجتهده وتضع كل طاقتها لتحسين عملها فسعدت لكونها اخيرا وبعد عام كامل من التغرب في مدينة اخرى ستعيش مع اسرتها من جديد وستنعم باهتمامهم ودفئهم.
غريب كيف للبشر ان يتأقمو بسرعة على بعض الناس الذين نلتقيهم ليكونو محطة عابرة في حياتنا ولكن يضل اثرهم محفورا في مشاعرنا.
في اجازة الاسبوع سافرت للمدينة التي درست فيها تخصصي الجامعي، اجتمعت مع صديقات الجامعة والتي اشترك معهن في العمر والتخصص نفسه وجميعنا نتدرب الان لنحصل على نفس الهدف.. كان اللقاء رائعا وللمرة الاولى منذ سنوات لم اشعر بالوقت يمضي ابدا .. قضيت اربع ساعات كأنها خمس دقائق، تحدثنا عن كل شيئ وعن مغامراتنا في العيادات وانطباعاتنا عن المشرفين على تدريبنا، وعن نظام حياتنا وكيف تغيّر بعد الخبرات الضخمة التي مررنا بها خلال الأشهر القليلة الماضية .. حكينا عن ذكرياتنا وهواياتنا وامالنا الصغيرة المعلقة في اذهاننا ونسعى لجعلها واقعا في حياتنا .. ومنهن واحدة هي الأكثر خبرة وابداعا في التصوير التقطت لنا صورا تجمعنا واخرى متفرقة .. اعتقد انها اجمل صور أُخذت لي في حياتي، فمنذ صوري وانا طفلة في الحادية عشرة ذات شعر منفوش بجنون واسنان امامية مفقودة لم احصل بعدها على صور جيدة كأنسة ناضجة ، اليوم صديقتي الرقيقة حققت لي حلما قديما بأن يكون لي صورا نقية تُظهر شكلي طبيعيا كما انا في الحقيقة  بدون اثار الفوتوشوب البلاستيكية.
الصديقات التي يجمع بينك وبينهن روح وعقل متشابهان هن نعمة لن تستطيع شكر الله عليها ما حييت .. وانا لدي منهم ثلاثة والرابعة صديقة مراهقتي التي تبعد عني مئات الكيلو مترات ورغم اختلاف تخصصاتنا العلمية ومدننا لكن والحمد لله مازلت على تواصل يومي معها، فمجموع نعمي هن اربعة ولا اعتقد ان احدا محظوظا مثلي.

هناك 4 تعليقات:

  1. أنتي الشئ المميز ♥

    ردحذف
  2. المدونة رائعة أتابعها بإستمرار واستمتع كثيرا وأنا أقرأ يوميات التدريب النفسي لكن لم تتسنى لي الفرصه لأكتب لكِ ردا ,أنت رائعه ماشاء الله أتوقع لك مستقبلا رائعا جدا بإذن الله وحقا انتي تمنحيني الكثير من الألهام لأصبح أفضل شكرا لك , اتمنى لك المزيد من العلم والتقدم ,دمتي رائعه : )

    ردحذف
    الردود
    1. مُنيرة الجميلة .. شكرا لكلماتك الرقيقة التي مسّت قلبي ..
      شكرا لأنك تقرئين حروفي الفوضوية وتتابعين سلسلة التددريب، فردك شجعني على إكمالها
      اتمنى من الله ان تصبحي افضل بروحك وعقلك وجمال خُلقك ^_^

      حذف