بحر ومحيط

 الأسبوع الثامن..

نهاية شهرين .. لم اصدق انه منذ شهرين كنت الفتاة الخائفة الخجولة التي ترتدي البالطو الابيض للمرة الاولى ولا تدري كيف تتحدث مع المسؤول عن تدريبها .. الفتاة التي ترتبك اذا سألها شخص، ولا تدري كيف تتصرف وينبض قلبها بسرعة خارقة عندما يحين وقت المناقشة العلمية الاسبوعية امام منسوبي القسم ..
الان اجلس بكل هدوء وثقة في العيادة، اراقب المرضى وحوار الطبيب معهم واسئلته الدقيقه، اسأل واستفسر وارد بكل بثقة .. اتناقش مع الاطباء بأريحية واتعلم وانتبه لكل حركة وكلمة وتصرف .. اتحرك في المشفى كأني اعرف كل اركانه وازور المرضى في غرفهم واتابع حالاتهم واكتب ملاحظاتي الصغيرة واعود لأبحث عنها بعد انتهاء فترة العمل.
اليوم اشعر بثقة انني حقا اريد الاستمرار، اريد المزيد من الغوص في هذا العالم، اريد مزيدا من المعرفة، انه مجال حساس وخطر اكثر مما قد يبدو عليه، يحتاج لجرئة ومعرفة عميقين وعلم واسع ورغبة وحب كبيرين.

هذا الشهر افتقدت قراءة الادب كثيرا .. بما انها فترة الغوص الحقيقة في التدريب فقد كان شهرا مليئا بالاختبارات والمناقشات والحالات الصعبة التي تحتاج دراسة وبحث كبيرين . فعوضا عن قراءة الادب استبدلتها قليلا بالكتب العلمية والمواقع والكثير من الترجمة .. اتمنى ان يكون الشهر الثالث اكثر مرونة لأقرأ باستمتاع اكثر.

خرجت مع زميلتي في التدريب يوم الخميس لنمشي قليلا على شاطئ البحر وهوا افضل ميزة في مدينتي الصغيرة انها بلا حدود، فالمدن التي تطل على البحر هي اوسع المدن مهما صغر حجمها .. كان الهواء منعش وشكل الماء ونغمته يوحي بالسلام الذي احتاجه بشده بعد كثير من التوتر والمجهود، تحدثنا وضحكنا وفرّغنا الارهاق في تنشق هواء البحر المالح بسعادة والمشي السريع حتى أُرهقنا ..

واخيرا وبعد اشهر شاهدت الفيلم الوثائقي Oceans من شركة ديزني العملاقة، المنتج في 2010، 
صوّر حياة الخمس محيطات الهائلة التي تحيط كوكبنا من كل جهه 
وهذا تريلر للفيلم سيعطيك انطباع عما ينتظرك بداخله. 

يالله لا استطيع وصف الجمال والهدوء والعالم الذي اخذني اليه، بحق من افضل افلام البحار التي شاهدتها في حياتي .. كنت احتاج بشده لكمّ السلام والصفاء الذي ملئ قلبي وعيني ويجعل ماحولي يختفي ويذهب بي الى اخر الدنيا واعماق المحيط لتهدأ روحي ويصفو عقلي .
انه من الافلام التي تأخذك بآلة زمن بعيدا عن غرفتك وعملك والبشر من حولك .. لم ابحث اذا كانت له ترجمة للعربية ولكن حتى لو لم تكن تجيد الانجليزية فحديث المعلّق قليل ويكفيك الصورة والموسيقى التصويرية لتجوب المحيطات باستمتاع ودهشة لا اعتقد انك اختبرتهما من قبل، فلا احد يضاهي عبقرية ديزني في الإنتاج والإخراج.
وجدته على اليوتيوب هنــا كاملاً ..