إني قادرة .. إني أستطيع

الشتاء هو الفترة المُقدسة في عامي، أُعيد فيه التعرف على قلبي ومشاعري وأفكاري.. دائماً ما أتعلم دروساً صعبة كدت أن لا أتخطاها، لولا تعلُقي بخيط النور القوي المربوط بالسماء.. في الشتاء يصبح كل شيئ هادئاً، السكون الذي أحلم به طوال العام يتجسد بكل نعومته ويتضخّم ويصبح الجلوس في المنزل ماهو إلا ساعاتٍ من أمواج الصمت تخترِقُ جسدي وتُطهِره..
 لا جمال ولا إبداع كالذي تستخرجه لحظات الصمت والسكون.. كان التحدي الأعظم لي هذا العام هو عملي الصغير الذي يتطلب تعلّم التركيز وسط الضوضاء، وترك المجال لعقلي ليقوي عضلاته ومرونته مع الضجيج، لكنها مهارة تحتاج للكثير من التدريب والصبر.. لا يمكنني إهمال حقيقة ان إنتايجيّتي وإبداعي وتعلُمي يزدادون بقوة في المحيط الهادئ، لكن قليل من التجربة لا تضُر..

2016 هي الأكثر جنوناً في حياتي إلى الان، لم أبذل مجهوداً كما بذلته هذة السنة، ولم افعل اشياءً صعبة وغريبة علي كما فعلتها في الفترة الماضية، لكنها وياللغرابة كانت أثارها مُمتِعة ومُدهشة.. قراراتٍ كبيرة قررتُها وسعيتُ لها، وقراراتٍ كبيرة أُخرى لغيتُها.. أشخاص كُثر رائعون، حتى الذين تركتهم كانو مميزين، كانو مرحلةً قوية ومُهمة في حياتي، ثم آن الأوان ليذهب كلٌ منا في طريقه ليُكمِل رسالته مع أشخاصٍ أخرين.. سنة جميلة ومجنونة ومليئة بالتناقُضات، كانت أيامها تجري كسباقِ خيلٍ رشيقة، كل يوم يُسلّم لليوم الذي يليه دون أن أُلاحظ.
إن كانت هُناك دروس تعلمتها هذة السنة فهي "أني قادِرة .. أني أستطيع" كل مخاوفي كانت سُحُباً لا حجم لها ولا وزن.. كل المجهول المُرعب كان عِبارةً عن ماءٍ زُلالٍ عليّ تعلم السباحة فيه فقط، لا شيئ صعب.. قد يكون مُرهِقاً لكنه ليس مستحيل.
هذة السنة علمتني أن الأحلام تتحقق، والأفكار يمكن أن تُصبح واقعاً، والمشاعر يمكن أن تجُر مثيلتها. أن كل شيئ في الكون يحتاج فقط إلى معلومة والقليل من الجُرأة لا أكثر.. لدينا كل مانحتاج إليه، فقط علينا أن نتعلم كيف نفتح صناديق المرمر واللؤلؤ المُخبئة في طياتِ قلوبِنا.
القُدرة والإستطاعة لم نصنعها بأنفُسنا، نحن فقط نستخدم المُعجزات التي وضِعت فينا، نُقدِرُها حق تقدير، فتتحول الرمال في أيدينا إلى ذهب.. 
  
في هذا العام شاهدت لُطف الله يُحدِثُ لي معجزاتٍ لم أكن لأصنعها لو تُرِك الأمر لعقلي ولقراري.. شاهت الله في كل شيئ، وفي كُل فَقدٍ وفي كُل كسب.
في هذا العام تعلمت أن كل شيئٍ يمكن أن يتغيّر إن أردنا.. مهما كان الدُخان الرمادي الذي يُحيط بعقلِك وقلبِك وجسدِك، يمكِنُك تنظيفُه. يمكنك تعديل أي عادة إكتسبتها، وأي فكرة تتبناها، وأي حال تعيشه الأن.. فقط تعلم كيف، إطلق سؤالك للكون من حولك وإتركه يُرسل الإجابة لك بطريقته، فقط كُن صادِقاً. فالكون لا يحترم الكاذبين، وخصوصاً من يكذِبون على أنفسهم.. هذا العام كانت لدي عادات وأفكار ومخاوف إعتقدت أنها ستُلازمني إلى الأبد، لكنها وياللعجب تغيرت.. تلوّنت وتشكّلت وكأنها لم تكن..
أملئو قلوبكم بقليلٍ من الإيمان والتصديق بأن ماتُريدونه يمكِنُكم تحقيقة.. يمكنكم بنائه أو صناعته أو إبتكاره أو حتى حفر أعماق البحر لإستخارجِه.. فقط بقليلٍ من التعلم وترك المجال لأرواحكم أن تنظُر إلى أبعدِ ماتستطيع.. 
هذا العام علمني البساطة، والسهولة، والإستمتاع بأي شيئ حولي مهما كان صغيراً، وقراءة الرسائل الإلهيّة التي تأتيني من خلال الأشياء والبشر كل يوم. هذا العام هو بطلي الصغير الذي سيلِدُ أبطالاً أعظم في السنوات القادمة بأذن الله..