الأربعاء، 15 يونيو 2016

حليب أسود إليف شافاق




العاشر من رمضان..  

أنا سعيدة .. هكذا شعرتُ بِكُل خليةٍ في جسدي وروحي تُخبرني بعد أن أغلقتُ كِتاب "حليب أسود لأليف شفاق"
إنه ساحر .. لم اقرأ من قبل كتاباً بهذا التفصيل عن المرأة .. تفاصيلها النفسية وأفكارها وصِراعاتِها.. إنها كاتبة مُبدعة، أكاد أعتبره كِتاباً لعلم النفس ولكنه مكتوب بِلُغة أدبية ساحِرة ومليئة بالجمال .. 
أتمنى لو لم ينتهي هذا الكِتاب ولكنه أنتهى والأن أشعر أني ضائعة وسأضلُ كذلك لفترة حتى أجِد كتاباً أخر يخطِفُ أنفاسي كما فعل .. 
في البداية الكُل يكتب ويقول أن "حليب أسود" هو تجرِبة أليف شفاق لأكتئاب ما بعد الولادة.. وإعتقدتُ ذلك أيضا حتى التعريف المكتوب خلف الكتاب يوحي بذلك، لكنه ليس هذا فقط.
 397 صفحة بالتأكيد لا تحكي كلها عن الإكتئاب، لكنها مؤلِفة عبقرية، تعلم أن مشاعر كتلك لا تظهر بين ليلةٍ وضُحاها بسبب تغيير حديث حصل في حياتها. 
هي تعلم جيداً ومؤكد أنها قرأت وتعلّمت لفترة ليست بسيطة حتى تكتب كتاباً بهذا الجمال وكأن مُعالِجاً نفسياً كان معها خطوةً بِخطوة لتفهم أن مشاعِر كتلك أعمق مِمّا تبدو.
إكتئاب مابعد الولادة شيئ يبدأ من سنوات، أفكار المرأة ومشاعرها وتقلُباتِها.. مُحاربتِها لجانب ما من نفسها أو إعطائها الحُريّة المُبالغ فيها لجانب أخر، هذا مايصنع الإكتاب بعد سنوات. 
الإكتئاب إضطراب ذكي.. يظهر كُلما كان في النفس شيئٌ لا يُريد الظهور.. أو شيئٌ يريد الإختفاء تماماً عن الوجود.. أو عند وجود صِراعات قاسية بين قلبها وعقلها. 
الإكتئاب لا يحدث فجئة بل هو كالجنين يحتاج لشهور وسنوات حتى ينفجر في وجه صاحِبه..  
هو إضطراب نفسي شائع جدا، فحسب أخر إحصائية أن 350 مليون شخص حول العالم مُصاب بالإكتئاب. واحدة من كل أربع نساء تُصاب بإكتئاب ما بعد الولادة.
تُصاب بهذا الإكتئاب الصعب النِساء أكثر من الرجل، وأكثر فئة هي من عمر 18 سنة إلى 25 فما فوق ..
الحُزن والألم مشاعر طبيعية جدا يصاب بها كل أبناء وبنات أدم على الأرض، بل هي مشاعر مُهمة جدا للتنفيس عن الأحداث المُزعجة والمرفوضة، وليتعلم الإنسان معنى السعادة أيضا يجب أن يختبر قليلاً من الحُزن فيُفرّقُ عقله بين تلك المشاعر.
لكن عندما يبدأ بإعاقة حياتنا، ودراستنا ووظائفنا، وعندما يترك الإنسان كل الأشياء المُهمة أو تكون ممارستها في غاية الصعوبة، وعندما تصبح الأشياء المُفضلة لا قيمة لها ولا معنى، ويضطرِب معها المزاج والشهية والنوم، وقتها يحتاج لرؤية مُختص نفسي، وفي أغلب الحالات يتم تشخيصة بالإكتئاب.
لان تلك المشاعر المزعجة لها الكثير من الأسباب وقد تكون أعراضاً لمشاكل أخرى، بينما الإكتئاب الحقيقي له شروط كثيرة ومُعقدة لتشخيصه.

الكتاب جميل جدا، سيُغيّر عقل أي امرأة تقرأه.. سيُعيد لها ترتيب أفكارها وإدراك مشاعرها، والإنتباه لجوانب في نفسها كانت قد أخفتها مُنذ سنين.
ألف سردت أيضا في الكتاب الكثير من الإقتباسات عن الكاتبات الإناث، والكثير من قصص حياتِهن وأسلوبِ معيشتهن، وتعاملهن مع أطفالهن وحياتِهن الأُسرية.
يُظهر الجانب الشاق من المرأة الناجحة وتضحياتها وتأثيرها على من حولها.
إنه يستحق أن يُقرأ وأن تقنية كل فتاة وسيدة، لقد أسعدتي جدا قراءته.

 إقتباس من الكتاب:
"امرأة ترفض أن تجذب الأنظار لجسدِها لأنها تُريد أن تُحترم لعقلِها، امرأة ترتدي طبقات الثياب قبل الخروج إلى الشارع.. لطالما خبأت نفسي خلف قِطع الثياب، واضِعةً إياها دِرع حماية. وفي كل مرة أقف فيها للتصوير بعد مُقابلة صحفية، اتأكد من أنني لا أبتسم بشكل ملحوظ كي لا أؤخذ بِخفة في هذا الوسط الأدبي الذكوري. أُحاول الظهور بمظر جدي للغاية، أكبر من عمري."



هناك تعليقان (2):

  1. رائع تحمست لقرائته و لكن اعتقد ان طبيعة دراستك تجعلك تقرائين بعين اكتر عمقا بعد رمضان ابدا فى قرائته ان شاء الله

    ردحذف
    الردود
    1. الكاتبة أديبة وروائية ..
      اللهم أن فهم المشاعر وتفصيلها هو أساس علم النفس، لذلك ذكرت هذة النقطة..
      لكن الكتاب سهل وجميل ويمكن لأي أحد قراءته وتفهمه أي إمرأة تُحاول النهوض بدورها الأمومي والتوربوي والعلمي ^_^
      ستكون قراءته ممتعة أعدك ..

      حذف