السبت، 5 ديسمبر 2015

أمريكا وربيع جابر

تصويري

الخامس من ديسمبر ..

إقتباس:
"هل يصير الإنسان شخصاً أخر بينما يسافر .. بينما يقطع مساحات مجهولة لم يعرفها من قبل؟".. 
صفحة 118

رواية "أمريكا" لربيع جابر .. اول تجربة لي مع المؤلف الذي فاز بجائزة البوكر العربية التي لا أهتم بها حقيقاً لأسباب كثيرة قد نذكرها لاحقا.. لكن غلافها يلفت إنتباهي في كل مرة أعبر من امام رف الروايات العربية في أي مكتبة، غلاف ناعم وهادئ وغريب.. أخيراً إقتنيتها وأنتهيت منها اليوم صباحاً.. لم أندم أبدا.
تحكي الرواية عن معناة المهاجرين السوريين إلى أمريكا قبل الحرب العالمية الأولى، وكيف إندمجو في الحياة هناك وبنو تجارتهم وتزوجو وأنجبو وشهدو كل التغيّرات العنيفة التي حدثت في أمريكا تلك الفترة. كيف هاجرو اصلا وماذا واجهو في رحلتهم وعند وصولهم.. القصة مدهشة وأحداث العشرينات الغنية بالأحداث جعلتني ألتهم الصفحات واحدة تلو الأخرى.
بطلة القصة هي مارتا حداد القروية الصغيرة ذات التاسعة عشرة التي عاشت كل عمرها في قرية بتاتر في جبال لبنان، والتي بدأت قصتها الحقيقية حينما فكرت بالسفر للبحث عن زوجها الذي هاجر ولسنة كاملة لم تسمع عنه شيئ .. 
الحياة الهادئة البسيطة النقية، والهدوء القاتل، القرية التي تعرف كل سكانها لقلة عددهم والحياة المألوفة، والعمل الذي يحوي الإعتناء بالبستان وقن الدجاج تحولت فجئة الي نيويورك .. ناطحات السحاب والبشر الذين لم ترى في أعدادهم من قبل ومئات المحلات والمباني والسيارات والصخب. كيف ستنجو وكيف ستواجة حياتها في وسط هذا الكوكب الجديد الذي إنتقلت إلية فجئة ولسبب مشؤم .. ضياع زوجها.
المؤلف عبقري لغته سهلة جدا ولكنها غنيه، في كل صفحة او صفحتين يفاجئني بإضافة لم ارها لدى كاتب من قبل، يُظهِر تميّزه بشكل متباعد حتى لا تسأم منه ولا تمل، الأحداث الموثّقة والتواريخ والهوامش جعلت منه مؤلف حقيقي لا يكتب فقط أسطر ليتم طباعتها على ورق.. لكنه يكتب ليُخلّد كلماته، يريدها أن تكون قوية وثابتة وحقيقية، لا مجرد سرد فارغ الروح.
في المنتصف مللت قليلاً من الشرح المتواصل لبعض الأحداث وتِكرارها، والإستفاضة في وصف المشاعر في بعض الفصول، لكنه طبيعي بالنسبة لحجم الرواية ذات الـ 430 صفحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق