الأحد، 22 أكتوبر 2017

سنة أولى عمل


أحتفل اليوم - الثاني والعشرين من أكتوبر- بإكمال سنة في أوّل وظيفة حقيقيّةٍ لي كمُختصّ نفسي. أشعُر بِفخرٍ صغير يقفِزُ داخل قلبي.. مرّ العام كأنهُ طائِر مُحلّق لا حدود له، رُغم ما كان يصحبُه من السهر والتعلّم والسفر والإنشغال الطويل حتى أني نسيتُ الإحتفال بميلاد مدونتي الثالث..
التغيير ليس سهلاً لكنه ليس مُستحيل.. في هذا العمل تعلمتُ المعنى الحقيقي للتغيير الداخلي قبل الخارجي ..
عادات وسلوكيات إحتفظتُ بها لسنوات طويلة وكأنها جُزءٌ مني، لكني إستطعت تركتها أو تبديلها بمحض إرادتي.
أفكار كنت أعتقد أنها تُكوّنُ شخصيّتي وانه من المستحيل التنازل عنها، ولكني بمُحاولات كثيرة - بعضها مُجهد للغاية - إستطعت تعديلها وتغييرها..
هذة السنة كانت المرّة الأولى التي أتعلم فيها معنى الخوف ومعنى الشجاعة، معنى الخطأ ومعنى الإستمتاع بِه، معنى الروتين ومُتعة التغيير .. إنها السنة التي تعلمت فيها ألا أخاف من التجربة الغريبة، وأن أتعلم من أخطائي، وأن أثق في قلبي.. وأن أُعطي لكّل شيئ حقه، لا مزيد من الإجحاف في حق الجوانب الأُخرى لحياتي لمُجرد أنني أُحب عملي.
هذا العمل علمني أن كُلّ البشر لهم قلوبٌ ومشاعِر يُريدون تحريرها، وعليّ فقط أن أُعلمهم أن هذا مُتاح، وأنهُ حقٌ لهم.. وبالفطرة سيستطيعون تخفيف قلوبِهم دون حاجتي..

ملاحظات تمنيت لو أخبرني بها أحد في أول أسبوع عملٍ لي:
- ستُخطئ.. حتى وأن كنت تدرس تخصصك لعشر سنواتٍ .. العمل ليس كالجامعة، فتقبّل أخطائك، ولا تلوم نفسك، وستأتي الخبرة بالمُمارسة.
- لا تستعجل السُلّم، إصعده بالتدريج.. إستمتع بكل مرحلة حتى وأن كانت جحيم في نظرك، إستمتاعك دليل أنك جاهز للمرحلة التالية.. أما رفضك وإنزعاجك دليل أنك لم تتعلم بعد الرسالة المُرسلة لك من المرحلة الحاليّة.
- لا تُقارن نفسك بأحد.. كلٌ له تجربته الخاصة، وأسلوبه الذي يتبعه في النجاح وفي التعلم.. 
- راقب وتعلّم من الجميع. أعظم الدروس نأخذها من أبسط المواقف.
- لا تُكرر نفسك.. كُن نسخة جديدة في وظيفتك وطريقة آدائك. ماذا يُريد الكون من شخصين لهُما نفس العمل في نفس المكان؟
- لا تحشو عقلك بمعلومات كثيرة دفعة واحدة .. إهضم الكتاب أو الكورس الذي تعلمته حتى تتشرّبُهُ تماماً قبل أن تتعلم غيره. لا أهمية لمعلومة يُخزّنُها العقل دون إستيعابها وتطبيقها.
- ليس كل مايفعله زملائك هو بالضروره مُلائمٌ لك، حتى وإن كانو أكثر خِبرةً منك..
- لا تحتاج لِكُل العِلم الذي في الكوكب لتُصبح ذو ثقة في مجالك.. المعلومة الصغيرة إن تم إستيعابها بشكلٍ جيد قادرة على تفجير طاقتك وإبداعك أكثر من مئات الكتب والدورات التي تحفظها دون فهم.
- خذ وقتك في التعلم .. الخبرة لن تطير من النافِذة. تحتاج إلى الصبر لتصقُل مهاراتك، والتسرع يجعلك تخسر الجواهر الصغيرة التي تتدحرجُ بين الأيام.
- إفصل بين حياتك الشخصيّة وعملك.. العمل مُهم لك؟ حسناً، إن لم تتعلم الفصل بينه وبين حياتك الشخصية سيكون صُداع نفسيّ لا نهاية له. 
- كل فترة تعلّم شيئ جديد لا علاقة له بعملك.. إحضر حفلة موسيقيّة، او حصّة لتعلم الطبخ او ركوب الخيل، او حتى أعمال فنيّة بسيطة.. أي شيئ، سيشكرك عقلك وجسدك بعدها.
- لا تستمد قيمتك من العمل .. أنت قيّم بعملك او بدونه، (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ). أنت مُكرّم سواء نجحت أو فشلت، لا تربط قيمتك بعملك مهما حصل..
- مهارات التواصُل والتعامل مع زملائك أهم من معلومات العمل نفسه .. أن تتصرف وتُحاور بذكاء وحكمة سيوصلك لهدفك بسلاسة أكثر مما تتصور. ولتتأكد من أهمية هذة النقطة راقب الناجحين في المكان ستجد لديهم لُغة تواصل مُميزة، وصبر وتركيز عالي.
- إحصل على أجازة خاصة بك كُلّ فترة.. سافر لمكان لم تزُره من قبل بمفردك، واستمتع بصُحبةِ نفسِك.. العمل يُنسينا أحياناً أننا أهم أشخاصٍ لأنفُسِنا، وان رعايتها هي أهم أولوياتنا..
- بمناسبة الأجازة، الأماكن المفتوحة تُحيي عقولنا وأنفسنا.. الحدائق والأنهار والجبال والأماكن الواسعة، وبالطبع البحر، تساعد كثيراً على تقليل التوتر وتُجدد الطاقة.
- إستمتع .. إستمتع .. إستمتع .. تذكّر أننا نعمل لتُصبح حياتُنا أكثر مُتعة وجمالاً.. فلا تجعل عملك يستعبد حياتك ويُذِلها لخِدمته. العمل يجب أن يكون مُمتِعاً، وإن لم تستمتع بالكميّة الكافية خلاله، فعلى الأقل ما بعد ساعاتِ العمل يجب أن يكون مُبهجاً ذو مُتعة وسعادة.



بمناسبة الحديث عن العمل النفسيّ، لستُ صديقةً لبوليود، لكني قرأتُ ترشيح أحد الأطباء النفسيين لفيلم هندي يُدعى Dear Zindagi ،شاهدته من باب الفضول والإستكشاف، وكان رائعاً للغاية..
يحكي الفيلم قِصة فتاة عشرينيّة كُلما أحبت رجُلاً تركته، حتى قابلت مختص نفسي وقررت فتح قلبها..
القصة محبوكة جيداً رغم الإطالة في المشاهِد خصوصاً في الرُبع الأول من الفيلم.. تحليل القصة ورؤية الطبيب كانت مُتقَنة ولها وجهات نظر علميّة صحيحة..
كان مليئاً بالمشاعر والأفكار التي قد تمسّ أي شخصٍ منا، وقد تكون مرّت على عقولنا مِن قبل..كيف تتصالح مع عائلتك، وترى الجانب الأخر لمخاوفك.. كيف تتعامل مع الذكريات القديمة المليئة بالألم..
لكُلّ شيئٍ عِلاج، ولِكُلّ مُشكلة حل..

هناك 4 تعليقات:

  1. أولاً مبارك عليك السنة وان شاء الله سنوات حافلة بالنجاح والرقي دائماً صديقتي...
    ثانياً العمل متعة ولا يجب علينا غير أن ندرك ذلك ونعي كيف نستطيع تسخير ذلك.
    ثالثاً من أول ما ولجت مدونتك وأنا أظنك تشتغلين لحسابك الخاص عيادة خاصة يعني، فهل أنا محقة أم خانني حدسي؟
    رابعا وأخيراً، كوني سعيدة دوماً فلا يليق بك غير ذلك.
    تقبلي مروري صديقتي 😊😊😊

    ردحذف
    الردود
    1. الله يبارك فيكِ ياجميلة .. مازلنا نجمع الخبرة ليكون المشروع الخاص قويّ وإحترافي بأذن الله ..
      شكرا جزيلاً لقرائتك ولردودك الجميلة ^_^

      حذف
  2. ما شاء الله لطالا كنت قدوه جميله 😊

    ردحذف