الأحد، 18 مارس 2018

مارس الاخضر



إشتقت للكِتابة وللتحديق في الشاشة والنقر على لوحة المفاتيح لساعات لترتيب الجُمل، والبحث عن صور مناسبة للمُحتوى، والتنقيب عن إحصائية او دراسة لتدعم الموضوع الذي اكتب عنه.. اشتقت للقراءة المطوّلة في الأدب. الان كل أفكاري تخرج بصوتٍ عالي في الجلسات، أُناقِش بها عُملائي فتطير وتتحرر من لساني فلا تستطيع أصابعي الإمساك بها ووضعها في تدوينة تليق بها.
مهما فعلت فلا تزال الكِتابة هي إسترخائي الأول، والمُحرر الأقوى لشِباك عقلي بلا مُنافس. مُتعتي الأزلية التي مهما أبتعدت عنها تضل في خيالي تهمس لي بخفة كي أعود.
اليوم وصلت مكتبي بخمسةً واربعون دقيقة مُبكِراً عن الوقت الأساسي، رائحة القهوة التي تفوح في المكان، تغيُر درجة الحرارة - من الشتاء الى الصيف فجئة بدون ربيع على الأقل - هدوء المكان ومساحته الواسعة قبل وصول بقية الموظفين. أستغل هذة الدقائق في فتح المدونة وكتابة مشاعري لها.
احياناً تشغيل موسيقى للتركيز في الخلفية يساعد كثرا خصوصاً إذا كانت مليئة بالحركة والطاقة كهذة.

 ما ان يُطل مارس حتى أشعر بأن اللون الأخضر يتفجّر في كُل مكان، تُحاول الأشجار ان تكسي أغصانها بالأخضر الزاهي، وتُحاول روحي الإزدهار معه أيضاً.
هذة الفترة تُعلمني كثيراً عن الحياة، كيف نفعل مانُحب ونستمتع به؟ كيف نتمتع بعلاقة قويّة مع ذواتنا ومع الأخرين؟ مهما تعلمت أجد ان لدي الكثير من المساحات العذراء في قلبي لم استكشفها بعد. المخاوف الغريبة التي حملتها من الطفولة، والغضب الذي يتملكني بلا سبب، العلاقات التي أضع لها حدود صارمة دون سبب مقنع، كُلها الان اكتشفها ببطئ وأُمرر يدي برفق عليها لتتعافى بسلام.
نحن نُهمل أنفُسنا ونُقلل من شأن آلامِنا ولا نُدرِك أن لا أحد يستطيع شفائنا إلا أنفُسنا. 
أي شعور مهما كان صغيراً يمر علينا هو مُحاولة حوار جديّة من القلب تُخبِرُنا عن رغبة في إحترام انفُسنا ومشاعرنا والنظر لها بعين الرئفة والحُب لا بعين الإنشِغال والتجاهل. كُلّ عاطفة هي قصيدة هائلة، تُحاول التواصل مع عقلك الراكض في الحياة بلا تنفّس.

سر السلام الداخلي الأول هو إحترام ذواتنا، أن نتعلم مكانة كل عاطفة واهميتها، ومكانة كل مُعتقد نعتنقُهُ ونمارسُهُ كل يوم دون شعور.هل هو المعتقد الصحيح؟ هل هو الطريق السليم للسعادة ام أنني تبنيتُهُ عن طريق العادة دون ان افكر فيه؟
الهدف من هذة التدوينة ان نُذكّر أنفسنا بإستمرار بأهمية التوقف لدقائق كل يوم لنتنفس بعُمق، ونُعير اجسادنا ومشاعرنا الإنتباه اللازم والإحترام الكبير، والشُكر الجزيل لكُل مجهود يبذلونه في سبيل تحقيق رغبات عقلنا الا نِهائية.
يُمكننا عمل ذلك بالتأمل، والإنترنت مليئ بالاف الفديوهات المُجهّزة للتأمل والأسترخاء بكل اللُغات كهذة "تأمل تزكية النفس
"جلسة تخفيف الضغوط" وغيرها الكثير ..

استمتعو بالتعرف على انفسكم، وتدليل أجسادكم بالهدوء والإبتعاد عن الضوضاء. أنتم تستحقون.

هناك 8 تعليقات:

  1. نبض قلبي بالسعادة عندما رأيت تدوينتكم الجديدة فأنتي كسحائب المطر تظلين ممتنعة عن المطر حتى إذا كثر عليك العتاب والشكوى أنزلت فيضا من المطر لتروى عطش قراءك ثم ترحلين حتى إشعار آخر ، كعادتكم يا آنستي كلمتاكم تنساب بخفة وجمال على االقلوب فتزرع بها السكينة والخشوع حاليا تمر حياتي بعواصف من الضغوط لكن كلماتكم الرائعة تخفف الوطء عليها وتجعلها تنتعش من جديد كنت افكر كثيرا في الأونة الأخيرة في موضوع التأمل وتزكية النفس فجائت التدوينة للتأكيد على ذلك فشكرا لكم / ملاحظة : قرأت التدوينة وكتبت التعليق على أنغام الموسيقى المليئة بالحركة والطاقة من ترشيحكم وهي جميلة كجمال مشاعركم لشهر مارس (: أتمنى أستمرار فيض حروفكم على قلوب قرائكم القاحلة ( خالد ).

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لقرائتك ياخالد .. سأكتب كثيراً الفترة القادمة بأذن الله
      ^_^
      اتمنى ان يحيطك الله بالقوة السلام الكافي للمرور من سحابة الضغوط.. ويُعيد الهدوء الى حياتك

      حذف
  2. لطالما كنت اريد الكاتبه فقد احببتها منذ صغري واعجبت بمدونتك كثيرا حتي صارت كلماتي لا تقارن بكلماتكم او حتي ترتيبها ولكن ها انا اتعلم منكم البهجه والكتابه المرتبه جيدا كفصول العام الاربعه (محمد)

    ردحذف
    الردود
    1. تريد ان تطور كتاباتك؟ اقرأ كثيراً، واكتب كل مايطوف بخاطرك.. تدرب وعدل على نفسك.والأهم اكتب ماتُحبه انت.
      نحن لا نولد كُتّباً، لكننا نتعلم بالتدريج كيف نكتب
      ^_^
      شكرا لقرائتك

      حذف
  3. "نقلل من شأن آلامنا" فعلا ونقسو على أنفسنا كثيرا، نلومها ونتوقع منها دائما شيء آخر

    ردحذف
    الردود
    1. وكلما رحمناها وأحببناها رأينا منها كل ما يسرّنا ^_^

      حذف
  4. "تحاول روحي الازدهار معه" هذا ما أشعره دوما في نيسان..

    ردحذف