الخميس، 19 أبريل 2018

ابريل .. وجدت الله

"صباح الجمعة 12 ابريل 2018"

اكتب هذة التدوينة قبل شهر من ميلادي السابع والعشرين كهدية إلى قلبي، لأنه لا شيء يملئني بهجة كالسفر والكتابة، وهذا ما تحتويه تدوينة ابريل. 

دائما ما اعتقدت ان السفر له تأثير السحر على إلهامي وتصفية ذهني، بعد شهور من العمل الا منقطع قررت السفر مع صديقتي لمدينة مصرية لم أزورها من قبل: الغردقة.
التخطيط للرحلة كان سريعاً قبلها بأسبوع فقط، وكانت من أجمل رحلات حياتي روحياً ونفسياً.. كنت طوال طريق الرحلة صامته اتأمل الصحراء والجبال من حولي والبحر يظهر على يساري يلمع تحت الأشعة البسيطة التي تتسلل من بين السحاب. لم اقرأ الكتب التي جلبتها معي، ولم استمع لكل المحاضرات والأغاني التي جهّزتُها على اجهزتي الإلكترونية، شعرت انني فقط احتاج للسكون والتأمل والهدوء، ان يصمُت عقلي قليلاً عن البحث والكلام، ويستمتع بالمراقبة.

 "أجنحة الإقامة في الفندق"

كانت الوجهة لفندق Desert Rose Resort وتجدوه ايضاً على موقع Booking
أعتقد انه ألطف فندق زُرته على الإطلاق، مساحات شاسعة من اللون الأخضر والأشجار تُحيط بنا من كل اتجاه، رائحة الأزهار الزاكية تتسللُ إلى أنفي أينما اتجهت، الغُرف بسيطة وحميميّة. الطعام شهي ومطهو بعناية وإتقان. شعرت أنني استمتع بكل خطوة وبكل لحظة وكأنني في عالم أخر.
"الصور التي على موقع الفندق قديمة، فكل الأثاث والديكور ونظام الفندق قد تغير كثيرا واصبح مليء بالبهجة والجمال مثلما سترون في صوري التي التقطها خلال الرحلة، والصور بدون أي تعديل. من الكاميرا إلى المدونة

"تروبيكانا كافية الذي يعزف فيه محمد جبر"


وصلت الغردقة وقت غروب الشمس، وبعد أول عشاء لنا في المكان بدأت مشاعر الرهبة والتغيير تسكُن، وكنا نتجه لغرف النوم بعد يومٍ طويل، ثم سمعنا صوتاً عذباً يأتي من مكان ما، كنا ندور حوله حتى نكتشفه، فوجدنا كافيه صغير موجود داخل الفندق به عازف تشلو يُصدر صوتاً من الجنة فلم نستطع المُقاومة وجلسنا على أقرب طاولة له.. كان يعزف بطاقةٍ جبارة وبإتقان لم أشاهِده من سنين، رغم الضوء الخافت لكننا استطعنا مُلاحظة الابتسامة السعيدة على وجهه وهو يعزف بكل انسجام لحناً لفيروز "قديش كان في ناس"
بعد ان انتهى شكرناه بصدق. اسمه محمد جبر، وقال انه عازف تشيلو من عشرين عاماً منذ كان في الصف الثاني الابتدائي. يعمل في دار الأوبرا المصرية، لكنه في عمل حر بسيط في الغردقة قبل زفافه، ولأننا محظوظتين كانت هذة أول ليلة عمل له في الفندق.. تمنينا له النجاح وان يتفوق بموهبته الجبارة لأنه يستحق..
وكانت بفضله أجمل ليالي السنة



كنت اتنقل بين الشروق والغروب والبحر والأزهار بلا أي تعب، مليئة بالطاقة والحياة، تنتعش رئتي بالهواء بكل سلاسة، وأكلم الله بكل حب دون حواجز.. الأسماك الملوّنة تتحرك بدلال تحت قدمي، والأطفال من كل الجنسيات التي استطعت تمييز لُغتها يلعبون ويصرخون بطاقة مرح لا نهائية من حوالي. أخرج يومياً من الغرفة في السابعة صباحاً، اتناول الإفطار وألتقط مئات الصور، ثم أُبدل ملابسي بشيء أكثر راحة لإكمال اليوم في الشمس والماء.. لأعود بعد الغروب ارتدي ملابس انيقة قليلاً للعشاء وكأنني لم أغرق طول اليوم في الرمل والماء المالح.. 
شعرت بالحُريّة، بالسلام، بالحب.. كأن قدماي لا تُلامس الأرض.. أظنني عرفت السر، انا أحُب الطبيعة، وأعيش أسعد أيامي قرب البحر والأشجار وحتى الصحراء، لا أكون في أجمل اوقاتي وسط المُدن الخانقة، أحياناً أنسي كم هي -المدن- مُرهقة، وكم اتناغم بشكل ساحر مع الطبيعة حتى أعود إليها


"غروب السبت 13 ابريل 2018"

في اليوم الأخير استيقظت في الثالثة فجراً استعدادا لرؤية الشروق، مشيت وحدي اجول الفندق تحت ضوء الفجر الكُحليّ حتى وصلت للبحر، اتأمل بهدوء واتنفس الطهارة وطاقات الصباح الرقيقة حتى خرجت الشمس من قلب البحر ونورها يتدرّج الى قلبي وعيني، استمتع بخلو المكان من حولي وكأن الكون ملكي وحدي. ولم اشعر بالوقت إلا في السابعة حين شعرت بالجوع يُذكّرني بالقهوة الشهية وفطائرهم الطازجة اللذيذة
كانت الأفكار العملاقة تنهال على عقلي دون توقف، هل هذا ما يحدُث حين تُعطي الحرية لقلبك عدداً قليلاً من الأيام؟ هل سيُكافئك بكنوز من السماء لأنك تركت الفطرة تشق طريقها بسلام من قلبك الى بقية حياتك؟ هل هذا ما تكُون عليه حياتك حين تستشعر الله في قلبك، تُكلمه وتستخيره وتتعلم منه بلا حدود وبلا مسافات؟
سافرو، فإن السفر يُريُكم الله أكثر مما تتخيلون

"مدخل الجناح حيث سكنت"


"حمام السباحة للكبار"

"أحد ممرات الفندق"

هناك 11 تعليقًا:

  1. جميلة زيك يا هاجر .. علشان انتي جميلة بتشوفي جمال المكان .. الجمال اللي جواكي انعكس في كلامك عن الرحلة والمكان وخلاني أشعر بفضول لزيارته 😘😘

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لقرائتك وردك اللطيف يسرى..
      اتمنى ان تزوريه قريبا وتستمتعي به ^_^

      حذف
  2. ما اجمل المكان وما أجمل كلماتك 💙💜

    ردحذف
  3. وكل يوم تزداد رغبتي لزيارة مصر بإذنه تعالى ، لقد أحببت المكان كثيرا ، شكرا هاجر على التدوينه الأكثر من رائعه .

    ردحذف
    الردود
    1. الغردقة ستكون من أعظم تجاربك صديقني منيرة .. اهلا بك ^_^
      وشكرا على قرائتك

      حذف
  4. عندما زرت مصر.. ذهبت الى عدة اماكن القاهره والاسكندرية.. لكن حقا وجدت متعتي في الغردقة! كم هو مكان جميل حقا.. شكرا على التدوينة الاكثر من رائعة

    ردحذف